يلا معانا ..
قبل أن نبدأ أريدك أيها القارىء أن تتخيل معانا صورة مكبرة لمعركة تضم جيشان متقابلان و متواجهان يرفعان السلاح، جهة يقف على رأسها سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجه و أصحاب النبي عليه الصلاة و السلام و في الجهة المقابلة تقف أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنه و أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرفعون السلاح و يستعدون للقتال ، أنا متأكد من أنها صورة صعبة التخيل و لا تحمل أي ملامح منطقية و لا يوجد إطار يمكن أن يظمها.
اولا .. ٱستشهد سيدنا عثمان بن عفان عام 35 هجرية ، و كانت الفتنة الأولى التي تقع بين أصحاب الرسول على دم عثمان بن عفان و الأحقية و الأولوية في أخذ القصاص من قتلته.
ثانيا .. تمت مبايعة علي بن أبي طالب كرم الله وجه على الخلافة من بعد سيدنا عثمان، فكان أول ما قام به سيدنا علي أن نقل عاصمة الخلافة الإسلامية من المدينة المنورة الى العراق و تحديدا في الكوفة.
ثالثا .. أصل الخلاف
سيدنا علي و من والآه عمد على تأجيل أخذ القصاص من قتلة عثمان لأسباب كثيرة، منها:
١- رأى سيدنا علي بن أبي طالب أنهم قد تمركزوا داخل المدينة و جعلوها حصنا لهم فخاف أن يسيل الدماء في مدينة رسول الله.
٢- لم يكن سيدنا علي على علم واضح من كل أركان هذه الجماعة ففضل الإنتظار حتى يتبين له من هم أعيانها و المحركين لها.
٣- قيام بعض الفتن في الإمارات الإسلامية حيث ضجت الناس من الولاة و استبدادهم و عملهم على خدمة مصالحهم، فكان لا بد في البداية من إعادة الإستقرار الى تلك الامارات و محاسبة الولاة و تعيين ولاة جدد.
من جهة أخرى كان طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام يرون أن هذا تقاعسا و تخاذلا من علي بن أبي طالب في طلب حق سيدنا عثمان بعد أن تمت مبايعته على الخلافة و أنه ترك المدينة لقتلة عثمان يعيثون فيها و يفتنون الناس عن دينهم و ذهب لإقامة عاصمة الإسلام في الكوفة.
رابعا .. اللقاء في البصرة
توجه طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام و معهم السيدة عائشة محمولة على جمل جالسة داخل هودج من حديد متجهين للقاء سيدنا علي في الكوفة ومن هنا سميت الواقعة بواقعة الجمل نسبة الى جمل ام المؤمنين السيدة عائشة .
لم يكن القتال هدف من خروج طلحة و الزبير و السيدة عائشة بل كان الهدف هو اللقاء مع سيدنا علي لأجل إتخاذ القرار بشأن القصاص لمقتل سيدنا عثمان، و الإتفاق على طريقة أخذ القصاص خارج المدينة المنورة.
قام دعاة الفتنة و المنقلبين على عثمان بتأجيج أهل البصرة على أصحاب الجمل و تهويل مساعيهم, فأمر والي البصرة عثمان بن حنيف بمنع أصحاب الجمل من دخول البصرة ، و انقسم الجمعان جزء مع عثمان بن حنيف و الآخر مع أصحاب الجمل فريق السيدة عائشة.
كثر الكلام بين الفريقين و ساعد أصحاب الفتنة على تأجيج الخلاف فتراشقوا بالحجارة و تطورت الأمور الى أن وصلت الى القتال ، فقام حكيم بن جبلة بسب السيدة عائشة و هو مندوب والي البصرة و قتل كل من أختلف معه في قتالة مع اصحاب الجمل.
حاول أصحاب الجمل وقف القتال ولكن الفتنة كانت أقوى فقامت معركة مات فيها حكيم بن جبلة ، و تم الصلح بين السيدة عائشة و من معها مع عثمان بن حنيف و دخلوا البصرة.
خامسا . الصلح
دخل علي كرم الله وجهه البصرة و التقى طلحة و الزبير و عائشة و كان لقاء يليق بصحابة رسول الله و زوجته و تفاوضوا في ما جاءوا له و تم الوفاق بوساطة القعقاع بن عمرو.
عزم علي بن ابي طالب الرحيل في اليوم التالي و قال إني راحل و من بغى على عثمان لا يرافقني ، و كانت جملته الثانية ما أثار نار الفتنة حيث إتفق من ساهموا على قتل عثمان بأن علي بن أبي طالب قد هدر دمائهم فلا بد من حرب تنجيهم.
و قبل الفجر تحرك اهل الفتنة و قتلوا في رجال الفريقين , و لما أفاق الناس على الدماء ظنوها الغدر والخيانة و كانت الحرب.
سادسا .. الحرب
علي بن أبي طالب و معه 20000 من الرجال تقريبا و طلحة و الزبير و السيدة عائشة ومعهم 30000 من الرجال ، و نشبت الحرب و صاح علي بن ابي طالب يمنعهم و يردهم عن السيف و لكن رجال الفتنة قد توزعوا و نشروا فتنتهم فسالت الدماء بين أصحاب النبي و قتل طلحة و قتل الزبير ، و حمى سيدنا علي السيدة عائشة و أمنها و اعادها الى المدينة المنورة سالمة.
سابعا .. الحق
لم نعلم من كان على الصواب و من كان في الخطأ الا من خلال ما نبأنا به رسول الله عن وقوع هذه الحادثة و كان أكثرها صحة هو:
- فقد قال سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام لسيدنا علي (( سيكون بينك و بين عائشة امر ، فقال علي أنا يا رسول الله قال له نعم , فأعاد علي عليه السؤال أنا يا رسول الله قال نعم ، فقال علي أنا اشقاهم يا رسول الله فرد عليه النبي لا و لكن إذا كان ذلك فأرددها الى مأمنها)).
- و الأهم هنا ان نبتعد عما نشب بين الصحابة فالطرفان لم يكونا يبيتان القتال. و ما خرج أهل الجمل الى علي و معهم عائشة الا لأجل الصلح و تقديرا لأم المؤمنين و أن علي لن يخذلها، و لكن نار الفتن نار مشتعلة لا تهدأ و لا ترتاح الا بنهر الدماء.
تكلمنا في هذا الموضوع من منظور محايد فلم نأخذ برأي الشيعة المغالين لعلي و لا رأي أهل السنة الذي يجتمعون على علي و عائشة رضوان الله عليهم، تكلمنا من منظور كتب التاريخ المحايد.
كلمات مفتاحية لمواضيع مماثلة
معركة الجمل الفتنة الكبرى، حقائق حول معركة الجمل، موقعة الجمل، معركة الجمل في سطور
تعليقات
إرسال تعليق