عندما تنظر لهذا الزمان و تجد أن من كان عزيزا في قومه قد ذل لأنه خالف السلطة و أصحاب النفوذ ، و مع مرور الأيام نسينا عزته و رسخت في عقولنا فكرة هوانه و أنه أجوف ليس ذا قيمة.
يلا معانا ..
عدت للتاريخ الماضي لأرى هل كان إذلال و إهانة أصحاب العزة اعلاميا طريق متبع لكل من يخالف السلطة ، و كانت مفاجأتي بشخصية تاريخية عشنا أجيال من الضحك و السخرية من سيرتها و أخبارها و هي في ألأصل أهم و أعلى و أنزه من كل تشويه.
اولا .. جحا العربي
جحا أبو النوادر شخصية تاريخية علقت منذ الأزمان السابقة بعقول الكثيرين على أنها الشخصية الكوميدية الهزلية التي تجمع بين السذاجة و الحكمة و بعض الغباء في التصرفات ، لكن الحقيقة هي كما سنذكر لكم:
- معنى إسم جحا هو المقيم أو المستأصل.
- دجين بن ثابت اليربوعي البصري و كنيته أبو الغصن و لقبه جحا ( جحى) من قبيلة فزارة العربية.
- ولد جحا عام 60 هجري و عاش في الكوفة و توفي في زمن الدولة العباسية أيام الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 160 هجري.
- جحا أو دجين بن ثابت الفزاري من التابعين و أمه كانت تخدم أم أنس بن مالك و له روايات في الحديث، روى عنه أسلم مولى عمر بن الخطاب و عروة بن هشام و عبدالله بن المبارك و له أحاديث مسندة في صحيح البخاري و مسلم.
- وصف جحا من علماء عصره أنه كان حادا في الثوابت صاحب صدام مع من يتجرأ على الحق بالإضافة الى أنه في حياته مع من يحيطون به كان ظريفا و خفيف الظل بما لا ينقص من قيمته و لا قدره ، فقد قال عنه الشيرازي (( لقبه جحا و كان ظريفا و كل ما يقال عنه مكذوب )).
- بحسب رأي الأدباء و مدوني التاريخ فإن دجين بن ثابت الفزاري أبو الغصن الملقب بجحا هو من التابعين و راوي الحديث و من أصحاب الحق و معادين الباطل و لا يقبل التعدي على الأصول و الثوابت فلماذا ؟؟؟
جحا كان أشد الرافضين لدولة آل العباس و سفكهم الدماء في سبيل السلطة و الحكم و إستغلالهم لقربهم من النبي في فرض سطوتهم و تجبرهم و ظلمهم على كل من يعاديهم و يرفض ولايتهم و خلافتهم للمسلمين، فقد كان جحا يجاهر برفضه لهم و كان له أتباع و مريدين يلتفون من حوله و ينشرون فكره و بسبب صعوبة وصول آل العباس له عملوا على الحد من دعوته و من إبعاد الناس عنه من خلال شيوخهم (شيوخ السلطان) و أتباعهم ليشوهوا من صورته و يظهروه لمن لا يعرفه بصورة الشخص السفيه الساذج صاحب النكته الطريفة و الغبية و بالتالي سيضمنوا عدم إنتشار أفكارة و إبتعاد الناس عن ما يدعو اليه بصفته شخص سفيه لا يؤخذ بكلامه.
- نجحوا بذلك و الدليل أنه حتى يومنا هذا لا زلنا نتكلم عن نوادر جحا و طرائفة و غباءه و بخله و غاب عنا أنه من التابعين و راوي الحديث.
- بعض جامعي الحديث في الزمن التالي لزمن جحا رفضوا أخذ الحديث عنه و ضعفوا ما أخذ عنه لسمعته التي تجعل من صاحبها شخص لا يستند بما يصدر عنه.
ثانيا .. جحا التركي
لقد فهمنا الآن أن القصة تتكرر فمن وقف في وجه الظلم إما أن يحبس أو يشوه و هذا حال جحا آخر و لكنه جحا التركي
- نصر الدين هوجا أو المعلم نصر الدين ولد زمن الدولة السلجوقية و عاشر الدولة العثمانية عام 1208.
- شيخا و معلما وقاضيا و قد كان معاديا للظلم فتم تشويهه و تشبيهه لجحا العربي لتسخيف أمره و إضعاف ثقة الناس به و بما يقول.
- لقبوه جحا لإيصال المفهوم من الإسم للناس ، و لا يعلمون ما هو جحا حقا ، فكل ما ارادوا هو إضعافه بسخرية الناس به و تداول قصصه ونوادره.
- السؤال الحقيقي هنا كيف لم يفكروا وقتها ... نصر الدين هوجا كان معلما في المقام الأول و إماما لمسجد بلدته و قاضيا في مدينته فكيف يكون هكذا و بنفس الوقت شخص سفيه ساذج و غبي (( سبحان الله))
- نصر الدين هوجا وقف في وجه تيمورلنك و منع جنودة أن يدمروا مدينته و صدهم و أتباعه عنها ، و بعد كل هذا يقولون جحا التركي صاحب الطرائف و النكات.
تعليقات
إرسال تعليق